تبرّع

قراءة في ضوء إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين وفلسطينيين على خلفية الحرب في غزة
  •  
  • 24/05/2024
  •  https://acjus.org/l?a4137 

    بقلم: لطيفة جامل
    رئيسة المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)

    في خطوة تاريخية، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، ووزير الدفاع "يوآف غالانت"، وقادة من حركة حماس، مشيرة إلى ارتكاب جرائم حرب خلال الصراع الأخير في غزة. وتأتي هذه الاتهامات على خلفية  قتل 40,000 فلسطيني أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء واتهامات بالإبادة الجماعية مما أدى عن  أزمات إنسانية حادة ،  تبعها احتجاجات دولية واسعة النطاق حول العالم واحتجاجات طلابية في الجامعات الأمريكية، تتحدى الدعم الأمريكي لإسرائيل

    الخلفية واختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

    اكتسب تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني زخمًا في أعقاب التصعيد العنيف الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وشهدت هذه الفترة هجومًا  شنته حماس على إسرائيل أعقبه رد عسكري واسع النطاق من إسرائيل، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. ودمار واسع النطاق في غزة. وبحسب التقارير، قتلت القوات الإسرائيلية ما يقارب 40,000 ألف فلسطيني، نسبة كبيرة منهم من النساء والأطفال.

    تم إنشاء الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية بعد انضمام السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2015. وقد سمحت هذه الخطوة للمحكمة بالتحقيق وربما مقاضاة الأفراد على الجرائم المرتكبة في هذه المناطق. يستهدف التحقيق الحالي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية  ارتكبها مسؤولون عسكريون

    ردود الفعل الدبلوماسية الدولية

    أثار إصدار مذكرات الاعتقال ردود فعل قوية من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين. وقد أدان رئيس الوزراء "نتنياهو" إجراءات المحكمة الجنائية الدولية، قائلا إنها تقوض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب. وقد دعا الحلفاء الدوليين إلى معارضة تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، ووصفه بأنه هجوم ذو دوافع سياسية ضد إسرائيل.

    كما أعرب المشرعون الأمريكيون عن معارضتهم الكبيرة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وحثوا الرئيس "بايدن" على التدخل . ويقولون إن محاكمة المسؤولين الإسرائيليين يمكن أن تضر بمصداقية المحكمة و تعطل الجهود الدبلوماسية الجارية في المنطقة. ومما يزيد من تعقيد هذا الموقف الاحتجاجات واسعة النطاق المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية، والتي فرضت ضغوطًا داخلية إضافية على الحكومة الأمريكية لإعادة تقييم دعمها لإسرائيل

    تأثير الاحتجاجات الجامعية

    تعكس الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية الاستياء المتزايد من السياسات الأمريكية فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وشهدت أكثر من 30 جامعة، بما في ذلك جامعات مرقومة مثل هارفارد وكولومبيا وييل مظاهرات كبيرة قادها الطلاب. وتؤكد هذه الاحتجاجات، التي تؤدي أحيانًا إلى مواجهات مع جهات إنفاذ القانون، على الاستقطاب المتزايد والمطالبة بالمساءلة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

    لم تسلط هذه الاحتجاجات الطلابية الضوء على الإبادة  الجماعية  في غزة وما أسفرت عنه من الأزمة الإنسانية الغير المسبوقة والتي أدت إلى سقوط ضحايا غالبيتهم من النساء والأطفال وحسب  بل سلطت الضوء على الانحياز الغربي لإسرائيل وهيمنة اللوبي الإسرائيلي على المؤسسات الأمريكية  والمواقف الدبلوماسية الدولية.  فهل من الممكن أن تقود هذه الاحتجاجات إلى جانب الرأي العام الدولي الذي تشكل جراء مشاهد الحرب ومناظر التطهير العرقي  في تشكيل نهج المحكمة الجنائية الدولية والاستجابة الجيوسياسية الأوسع للصراع والتخفيف من الضغوط الأميركية والإسرائيلية المتزايدة على المحكمة الجنائية الدولية.

    آثار أوسع

    تمثل أوامر المحكمة الجنائية الدولية منعطفا حاسما في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ومن خلال متابعة المساءلة القانونية عن جرائم الحرب المرتكبة في غزة  تهدف المحكمة الجنائية الدولية إلى دعم القانون الإنساني الدولي وتوفير العدالة للضحايا. ومع ذلك، فإن التداعيات السياسية والدبلوماسية لهذه الإجراءات كبيرة، مع انعكاسات محتملة على العلاقات الدولية والسلوك البيني بين  الدول.

     التأثير على القضية الفلسطينية

    من الممكن أن يكون لمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية آثار عميقة على القضية الفلسطينية برمتها  أولاً  التأكيد على اعتراف المجتمع الدولي بخطورة  جرائم الحرب والأزمة الإنسانية  في غزة، ي . وهذا الاعتراف قد يعزز القضية الفلسطينية، ويمنحها قدرًا أكبر من الشرعية والدعم على المسرح العالمي كما قد تلفت النظر إلى أن حل القضية الفلسطينية حلا عادلاً هو السبيل الوحيد لإحلال السلام في المنطقة.

    فضلاً عن ذلك فإن تدخل المحكمة الجنائية الدولية قد يفرض ضغطاً على إسرائيل لحملها على إعادة النظر في استراتيجياتها وسياساتها العسكرية في التعامل مع الفلسطينيين. كما قد تؤدي العواقب القانونية المحتملة للقادة الإسرائيليين إلى اتباع نهج أكثر حذرًا في الاشتباكات العسكرية المستقبلية، مما قد يقلل من التوتر وشدة الصراعات في المنطقة.

    ومن ناحية أخرى، قد يؤدي سلوك المحكمة الجنائية الدولية أيضًا إلى تعقيد مفاوضات السلام وذلك بحسب وجهة نظر إدارة الرئيس الأمريكي  بايدن . وقد يصبح المسؤولون الإسرائيليون، الذين يشعرون بأنهم مستهدفون بالإجراءات القانونية الدولية، أكثر مقاومة للتسوية، خوفاً من أن يُنظر إلى أي تنازلات على أنها اعتراف بالذنب. هذه الديناميكية يمكن أن تعطل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى حل طويل الأمد للصراع، هذه الرؤية  الغربية للصراع،  تقابلها وجهة نظر أخري تري أن التماهي مع جرائم إسرائيل والذي يصل للتغطية عليها، غالبا  ما أعطي إسرائيل ضوءً أخضر لمواصلة ارتكاب جرائمها وعرقلة العدالة.

    ويرى بعض المحللون الدوليين أن أوامر الجنائية الدولية ربما  راعت التوازن السياسي تفاديا لعدم استصدار قرارات نهائيا والمفارقة أن كلا الطرفين يراها مساواة بين الجلاد والضحية  إسرائيل وصفتها بمساواة الإرهابيين بالدولة كما رأتها حماس مساواة بين الجلاد والضحية وقد طالبت حماس بتحقيق مستقل للجرائم في قطاع غزة بما في ذلك المقابر الجماعية  وبالنسبة لحماس فإن تصنيف عدد من قادتها من بينهم "يحيى السنوار" و"الضيف" تنظر الها تجاهلا لمواثيق الأمم المتحدة وخاصة قانون رقم 51  الذي يمنح الشرعية للشعوب  تحت الاحتلال الحق في المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة.


  •